"الأساقفة الألمان ما زالوا واعين بمسؤولياتهم التاريخية"
٩ مارس ٢٠٠٧مازالت تعليقات بعض أساقفة الكنيسة الكاثوليكية في ألمانيا الذين شبهوا معاناة الفلسطينيين تحت الاحتلال الإسرائيلي بمعاناة اليهود المضطهدين في الحرب العالمية الثانية، عقب زيارة لهم لكل من إسرائيل والأراضي الفلسطينية، تثير ردود فعل متباينة في ألمانيا. ففي هذا السياق اختلف الخبراء الألمان في تقييم محتوى هذه التصريحات ومدى تطابقها مع الوضع السائد في تلك المنطقة وفيما إذا ما كانت تنطوي على معاداة للسامية أم لا.
"مقارنة كلاسيكية غير مقبولة"
وفي هذا الإطار اعتبر راينر كامبلينج المتخصص في علم اللاهوت والباحث في مجال العداء المسيحي لليهودية في مقابلة أجراها مع صحيفة "تاجيس تسايتونج" الألمانية إن هذه التصريحات "مقارنة كلاسيكية غير مقبولة"، مشيرا في السياق ذاته إلى أن مثل هذه المقارنات "يشاع للأسف استخدامها عند النقاش حول إسرائيل". ولكن من ناحية أخرى أـوضح بأنه لم يلاحظ في أقوال الأساقفة ما يشير إلى العداء للسامية، معتبرا إياها في الوقت ذاته تعبيرا عن "فظاظة ملحوظة وجهل تاريخي".
وعلى خلاف وجهة نظر راينر كامبلينج اعتبر فوفجانج بينز، مدير معهد أبحاث العداء للسامية في برلين، في مقابلة خص بها صحيفة "تاجس تسايتونج" أن تصريحات الأساقفة تحتوي على "مضامين عداء للسامية". وذهب الباحث الألماني إلى حد اعتبار أن تلك التصريحات ليست مجرد نقد لسياسة إسرائيل تجاه الفلسطينين فحسب، وهو أمر مسموح به، بل تعد بمثابة "مثال على بحث كثير من الألمان عن يهود مذنبين ليخلصوا ضميرهم من عقدة الذنب". وأشار أيضا في هذا المضمار إلى أن مثل هذه المقارنات تُلصق غالبا بإسرائيل.
"الأساقفة الألمان ما زالوا واعين بمسؤولياتهم التاريخية"
ومن جانبه أدان كبير كرادلة ألمانيا الذي يرأس المؤتمر الألماني للأساقفة، الكردينال كارل ليمان، تصريحات الأساقفة الألمان، حيث بعث على إثر ذلك برسالة إلى مدير النصب التذكاري لضحايا النازيين بالقدس افنر شاليف كتب فيها يقول: "بأنه من غير اللائق ربط مشكلات أو مواقف ظلم معاصرة بأي صورة بالإبادة الجماعية التي ارتكبها النازيون ضد اليهود". كما ذكر أيضا "إن الأساقفة أوضحوا بعدها أنهم لم يقصدوا عقد مقارنات بين آنذاك والآن". وأشار ليمان في رسالته أيضا إلى أن "الأساقفة الألمان ما زالوا واعين بمسؤولياتهم التاريخية". ودعا كبير الكرادلة في هذا الإطار إلى ضرورة إظهار هذا الوعي مع التحلي بالحساسية في اختيار الكلمات، على حد تعبيره.
ولكن من ناحية أخرى رفض أسقف مدينة تريا راينهارد ماركس الاتهامات بمعاداة السامية التي وجهت للأساقفة الألمان عقب انتقادهم للسياسة الإسرائيلية في المناطق الفلسطينية. واعتبر أن مثل هذه الاتهامات "غير مقبولة"، حيث قال في معرض حديثه مع صحيفة "تريرشر فولكس فرويند" إن "وضع الفلسطينيين في المناطق المحتلة حرك مشاعر الأساقفة كثيرا وأصابهم بالصدمة خلال زيارتهم الأخيرة للأراضي المقدسة". لكنه أشار إلى أن الأساقفة لم يكتفوا في تصريحاتهم بذكر معاناة الفلسطينيين، بل أشاروا أيضا إلى معاناة الإسرائيليين من خطر الإرهاب الفلسطيني. وأضاف قائلا: "انتقاد الأساقفة كان موجها دائما لدولة إسرائيل وليس لعامة اليهود".